
كيف تبتسمين وتتفاءلين؟!
للشهيدة بنان علي الطّنطاوي (أم أيمن) رحمها الله
-----------
يَسْألونَني: كيفَ تبتسمينَ رَغْمَ الدّموعِ والآلام؟! وكيفَ تَتَفاءلينَ والآفاقُ ظَلامٌ فَوْقَهُ ظَلامٌ ومِنْ دونِهِ ظلام؟
لا أدري! إنّ ابتسامَتي قِطْعةٌ مِنْ حَياتي وطَبيعَتي، إنَّ شيئاً من طفولتي يعيشُ معي باستمرار؛ تَتَساقَطُ دموعي بعَفوِيَّة، وأبتسِمُ بعَفويَّةٍ أيضاً، دونَ تَحْليلٍ ولا تفكير، كما يَتَعاقَبُ المطرُ والصَّحْوُ، والظَّلامُ والنّور
ولكنْ هناكَ في حياتِنا ألْوانٌ أُخرى من الابتسام، ألْوانٌ تَعَوَّدْناها وتأصَّلَتْ عندَنا على الأيّام
هُناكَ - على سبيلِ المِثال - ابتسامُ التَّحَدِّي والشُّموخ؛ تَحَدِّي الطُّغيانِ والطّاغوت، والشُّموخ على المَخاوِفِ والشَّدائِدِ والمُغْرِيات، وعلى الحياةِ كُلِّ الحياة
وهُناكَ ابتسامُ الثِّقَةِ باللهِ ونصرِ الله، رغْمَ كُلِّ هزائمِ الحاضِرِ وآلامِهِ ومَآسيه
نَعَمْ، إنْ غاضَتْ أحياناً ابتسامةُ الطَّبيعةِ والحياة؛ ابتسامةُ السَّعادةِ والسُّرور.. بَقِيَتْ على الدَّوامِ ابتسامةُ التَّحَدِّي والشُّموخ، والثِّقةِ بالله ونصرهِ المَوْعود
أمّا التفاؤُل، فكيفَ لا أكونُ مُتفائِلَةً ونورُ اللهِ يَعْمُرُ قَلْبي، ويُضيءُ عَيْنَيَّ ودَرْبي، وأنا أُحِسّ وأوقِن - مهما ضاقت الدّنيا واشْتَدَّتِ الظُّروف - أنَّ اللهَ معنا، يَسْمَعُنا ويَرانا.. وأنّ الحَقَّ الذي نُؤْمِنُ به، ونُجاهِدُ مِن أجلِه، لا بُدَّ أن يكونَ له النّصرُ على الباطل.. وأنّنا سنفوزُ - إن صَدَقْنا وصَبَرْنا - بإحدى الحُسْنَيَيْن: النّصر أو الجنّة
"وَيَمْحُ اللَّـهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ ۚ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴿٢٤﴾"
﴿الشورى﴾
"وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّـهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ ﴿١٥٧﴾ وَلَئِن مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّـهِ تُحْشَرُونَ ﴿١٥٨﴾" ﴿آل عمران﴾