سيدنا أبو أيوب الأنصاري




هو رجل من الأنصار وطوبى للأنصار بحب رسول الله صلى الله عليه وسلم

هو الرجل الذى ذهب الى بيته مسرعا ليجهزه لإستقبال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله فى ذلك مثل كل الأنصار رضى الله عنهم جميعا وجمعنا بهم فى الفردوس الأعلى مع الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم

هو الرجل الذى بركت الناقة عند بيته المتواضع عند الناس ولكنه عالى عند الله عزوجل

فبيته كان صغير منزل أبي أيوب الأنصاري يتألف من طبقة فوقها علية ، يعني غرفة صغيرة لكنها في الطبقة الثانية فأخلى العلية من متاعه ومتاع أهله ، لينزل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ،

إلا أن النبي عليه الصلاة والسلام رحمة بأصحابه آثر عليها الطبقة السفلى ، لأن الطابق الأرضي أسهل للصحابة عند لقائه والقدوم إليه ، فالباب خارجي والمنزل

أرضي وهذا فيه سهولة واضحة فامتثل أبو أيوب لأمره وأنزله حيث أمر . ، 

فالنبي الكريم ارتأى أن يكون في الطبقة السفلية ، في الطبقة الأرضية ،

ولما أقبل الليل، وأوى النبي صلى الله عليه وسلم إلى فراشه ، صعد أبو أيوب الأنصاري وزوجته إلى العلية ، وما إن أغلقا عليهما بابهما حتى التفت أبو أيوب إلى زوجته وقال : ويحك ماذا صنعنا بأنفسنا أيكون النبي عليه الصلاة والسلام أسفل منا ، ونحن أعلى منه ، أنمشي فوق رسول الله، أنصير بين النبي وبين الوحي ، إنا إذاً لهالكون ، فما هذا التعظيم ؟

وفى هذه الليلة بنسكب منه ماء على الأرض فيقوم بمسحه بما كان سيتغطى به لكيلا يتساقط الماء على الحبيب صلى الله عليه وسلم اذا شربته الأرض

هو ذاك الرجل الذى امتنع لسانه ولسان زوجته عن الحديث فى حادثة الإفك وكان لهما موقفا عظيما استحقوا ان يذكروا به فى كتاب الله عزوجل 

فعند ما بدأ الناس فى الكلام عن حادثة الإفك سئل ابو ايوب الأنصارى زوجته لو كنت مكان عائشة اكنت فعلت ما يقولون عنها قالت لا والله فرد عليها سيدنا ابو ايوب وقال لها وهى افضل منك فلا يمكن ان تفعل ذلك

وتبادلا الأدوار وقامت زوجة سيدنا ايوب ولو كنت مكان صفوان بن المعطل اكنت تفعل ما يقولون عنه .قال لها لا فقالت له وهوافضل منك ولا يمكن ان يكون فعل ما يقولون

فأنزل الله عزوجل

لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِين

وياليتنا نفعل فعلهما عندما يأتيك شخص ويقول لك الم تسمع يقال عن فلان او فلانة كذا وكذا.................. الخ ويردده الناس بل ويضيفون عليه وكثيرا يكون افتراء وهو ذنب عند الله عظيم

هوالرجل الكريم الذى كان حريصا على صنع الطعام للحبيب صلى الله عليه وسلم واصحابه

هوالرجل الذى عندما اصيب فى معركته الأخيرة تخيلوا ماذا كان طلبه؟


ذهب قائد جيشه ليعوده، وكانت أنفاسه تسابق أشواقه الى لقاء الله..

فسأله القائد، وكان يزيد بن معاوية:


ما حاجتك أبا أيوب"؟

ترى، هل فينا من يستطيع أن يتصوّر أو يتخيّل ماذا كانت حاجة أبا أيوب..؟

كلا.. فقد كانت حاجته وهو يجود بروحه شيئا يعجز ويعيي كل تصوّر، وكل تخيّل لبني الانسان..!!

لقد طلب من يزيد، اذا هو مات أن يحمل جثمانه فوق فرسه، ويمضي به الى أبعد مسافة ممكنة في أرض العدو، وهنالك يدفنه، ثم يزحف بجيشه على طول هذا الطريق، حتى يسمع وقع حوافر خيل المسلمين فوق قبره، فيدرك آنئذ أنهم قد أدركوا ما يبتغون من نصر وفوز..!!

أتحسبون هذا شعرا..؟

لا.. ولا هو بخيال، بل واقع، وحق شهدته الدنيا ذات يوم، ووقفت تحدق بعينيها، وبأذنيها، لا تكاد تصدق ما تسمع وترى..!!

ولقد أنجز يزيد وصيّة أبي أيوب..

وفي قلب القسطنطينية، وهي اليوم اسطانبول، ثوى جثمان رجل عظيم، جدّ عظيم..!!



وحتى قبل أن يغمر الاسلام تلك البقاع، كان أهل القسطنطينية من الروم، ينظرون الى أبي أيوب في قبره نظرتهم الى قدّيس...

وانك لتعجب اذ ترى جميع المؤرخين الذين يسجلون تلك الوقائع ويقولون:

" وكان الروم يتعاهدون قبره، ويزورونه.. ويستسقون به اذا قحطوا"..!!



وعلى الرغم من المعارك التي انتظمت حياة أبي أيوب، والتي لم تكن تمهله ليضع سيفه ويستريح، على الرغم من ذلك، فان حياته كانت هادئة، نديّة كنسيم الفجر..



ذلك انه سمع من الرسول صلى الله عليه وسلم حديثا فوعاه:

" واذا صليت فصل صلاة مودّع..

ولا تكلمن الناس بكلام تعتذر منه..

والزم اليأس مما في أيدي الناس"...

وهكذا لم يخض في لسانه فتنة..

ولم تهف نفسه الى مطمع..

وقضى حياته في أشواق عابد، وعزوف مودّع..

فلما جاء أجله، لم يكن له في طول الدنيا وعرضها من حاجة سوى تلك الأمنية التي تشبه حياته في بطولتها وعظمتها:

" اذهبوا بجثماني بعيدا.. بعيدا.. في ارض الروم ثم ادفنوني هناك"...

كان يؤمن بالنصر، وكان يرى بنور بصيرته هذه البقاع، وقد أخذت مكانها بين واحات الاسلام، ودخلت مجال نوره وضيائه..

ومن ثمّ أراد أن يكون مثواه الأخير هناك، في عاصمة تلك البلاد، حيث ستكون المعركة الأخيرة الفاصلة، وحيث يستطيع تحت ثراه الطيّب، أن يتابع جيوش الاسلام في زحفها، فيسمع خفق أعلامها، وصهيل خيلها، ووقع أقدامها، وصلصلة سيوفها..!!

وانه اليوم مثواه هناك..

لا يسمع صلصلة السيوف، ولا صهيل الخيول..

قد قضي الأمر، واستوت على الجوديّ من أمد بعيد..

لكنه يسمع كل يوم من صبحه الى مسائه، روعة الأذان المنطلق من المآذن المشرّعة في الأفق..

أن:

الله أكبر..

الله أكبر..

وتجيب روحه المغتبطة في دار خلدها، وسنا مجدها:

هذا ما وعدنا الله ورسوله

وصدق الله ورسوله....