لولا المرارة ما عرفنا الحلاوة, ولولا المحنة ما عرفنا المنحة, ولولا العطش ما عرفنا الري, ولولا الجوع ما تلذذنا بالطعام, فالسيئة تدفع بالحسنة, والشر يدفع بالخير , والشدة غمامة تمطر بالفرج القريب, والمرض يداويه الدعاء, والعافية تأتي بالشكر, وهذه هي سنة الحياة... إذ كيف يبدع ويخترع وينتج من لا يرى أملاً أبداً..!
ليس هناك أناس
ولدوا
عظماء , وإنما هناك أشخاص عاديون حركوا جذوة الإرادة من داخلهم وبذلوا وسعهم بالمحاولة تلو المحاولة, حتى وصلوا إلى سلم العظماء, فإن أخطر ما يشل الروح ويدمر كيانها هو الإقرار بالعجز قبل بدء المسير ! والعزوف عن المحاولة بحجة أن لا يوجد قدرة يملكها الإنسان تقهر المستحيل ,
إن العظماء في هذه الأرض حفروا أسماءهم بسجل التاريخ بعزمهم وهممهم وقوة تجلدهم أمام العثرات لا بذكائهم فحسب!
ليس هناك شخص مطالب أن يكون سيد قارته , وملك الأرض , وتاجاً للإنسانية, ولكنه مطالب بأن يكون كالشاعر الألماني "جوته"حين وصف نفسه قائلاً:
أنا كنجوم السماء لا تمضي في عجلة لكنها تسير سيراً دؤباً لا يعرف السكون "وهذا حق فإن في الحركة بركة وفي السكون الموت والعجز والفشل , والحركة ولو كانت بطيئة مع مداومة ومتابعة واستمرار خير من ألف سرعة توصلك إلى أن تفقد سيطرتك عند إرادة الوقوف أمام إشارة الحياة التي تحذرك من التجاوز الخطير ,
ولأن الحياة ليست طريقاً مستقيماً مفروشة بالورود, ولكنها متعرجة تنقلك من محنة إلى محنة أحياناً, وأحايين كثيرة لا تدوم المحن , كما السعادة لا تفنى, والأحلام لا تنجلي, والخير في طريقك كالسيل أنّى حل أسقى الحياة بكل ألوان الجمال, فما أجمل جمال نفسك أيها المتفاءل المبارك!!
انطلق هيا فالتفاؤل يمطر ذهباً, ويمطر أملاً, ويمطر سعادة الآبدين , فخذ من ذهبك قبل أن تذهب بك الأحزان في كل مقعد.
يقول سيد قطب رحمه الله: "إن الفرح الصافي أن نرى أفكارنا وعقائدنا ملكاً للآخرين ونحن لازلنا أحياء؛ فالمفكرون وأصحاب العقائد كل سعادتهم في أن يتقاسم الناس أفكارهم وعقائدهم ويؤمنوا بها".