الخميس، 27 سبتمبر 2012

يا هذا أحسبك رابط الجأش .. فقال يا هذا ظننا بالله أجمل من ظنك









حكى محمد بن الحسن بن المظفر , قال : 


حضرت يومًا في مجلس , أيام نازوك , فأخرج وزيره جماعة حكم بقتلهم والناس ينظرون دون أن يستطيعوا حتى الاحتجاج , 

فقتل بعضهم ثم أخرج غلامًا حدث السن , مليح المنظر , فرأيته لما وقف
 بين يدي وزير نازوك , تبسم . 


فقلت : يا هذا , أحسبك رابط الجأش شجاعًا لأني أراك تضحك في مقام يوجب البكاء , فهل في نفسك شئ تشتهيه ؟ 


فقال : نعم أريد رأس خروف حار , ورقاقًا 



فسألت صاحب المجلس أن يؤخر قتله إلى أن أطعمه ما يريد , ولم أزل أرجوه وأتوسله , إلى أن أجاب , وهو يضحك مني , 


ويقول أي شيء ينفعه هذا , وهو سيقتل بعد قليل ؟ 



قال : وأرسلت بسرعة أحضر ما طلبه من رأس حار ورقاق , واستدعيت الفتى , فجلس يأكل غير مكترث بالحال , والسياف قائم

, والقوم يساقون , فتضرب أعناقهم . 



فقلت : يا فتى , أراك تاكل بسكون , وقلة فكر. 



فأخذ قشة , من الأرض , فرمى بها , رافعًا يده , وقال وهو يضحك : يا هذا , إلى أن تسقط هذه إلى الأرض مائة فرج .



قالوا : فوالله , ما استتم كلامه , حتى وقعت صيحة عظيمة , وقيل : قد قتل نازوك . وأغارت العامة على الموضع , فوثبوا 


بصاحب المجلس , وكسروا باب الحبس , وخرج جميع من كانوا فيه . فاشتغلت أنا عن الفتى , وهربت , بنفسي , حتى ركبت 

دابتي مهرولاً , وصرت إلى الجسر , أريد منزلي . 

فوالله , ما توسطت الطريق , حتى أحسست بإنسان قد قبض على إصبعي برفق ,



وقال : يا هذا ظننا بالله –عز وجل –أجمل من ظنك , فكيف رأيت لطيف صنعه . فالتفت , فإذا هو الفتى بعينه , فهنأته بالسلامة , 


فأخذ يشكرني على عما فعلته , وحال الناس والزحام بيننا , وكان هذا آخر عهدي به . 



حسن ظن بالله رغم سيف السياف الذي يلمع فوق رأسه .. هكذا الأمل بالله وإلا فلا !! 


ما بين غمضة عين وانتباهتها يبدل الله من حال إلى حال