القرآن الكريم هو المنهج الذي يتخذه كل متفائل مؤمن بحقائقه متدبر لمعانيه وهو الكيان والدستور الذي يصنع عظماء متفائلين وما سواه فتبع لا أصل! فهاهو القرآن يعلمنا حسن التعامل مع الواقع من خلال التعرف على السلبيات والإيجابيات، والعمل على تصحيح السلبيات حيث يقول سبحانه : ]أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ[ {آل عمران:165} فمن رحمة الله عز وجل بعباده أنه لا يكلفهم ما لا يطيقون.
ومن سننه تعالى أنه جعل مع العسر يسراً؛ وهذا توكيد على انتظار الفرج بعد العسر. والقرآن ربى الرجال عبر القرون على الصبر واليقين والأمل القريب بنصر الله! فلقد زخرت السيرة النبوية والتاريخ بومضات في سماء الأمة المسلمة يهتدي بها الجميع؛ فقد قامت دولة الإسلام بعد خروج النبي-صلى الله عليه وسلم- من وطنه فاراً بدعوته، وعاد إليه فاتحاً منتصراً بفضل الله.
وهذا التاريخ زاخر بعظماء القوم الذين انتصروا بعد هزيمة. أما السنة المطهرة فهناك الكثير من الأحاديث والمواقف من السنة النبوية المباركة التي تحض على التفاؤل وتدعو إليه؛ من ذلك قوله- صلى الله عليه وسلم-: "من قال هلك الناس فهو أهلكَهم" أو "أهلكُهم"أخرجه مسلم. أي أسرعهم هلاكاً وأشدهم فساداً؛ وبفتح الكاف بمعنى: أي أكثر من الحديث عن انحراف الواقع ونشر الفاحشة فيهم وألبس الناس لباس اليأس والقنوط من رحمة الله, وأيّس الناس من الإصلاح ونشر الخير. ففي الحديث: تحذير من إشاعة روح التشاؤم بين المسلمين وأن الهلاك كل الهلاك في سلوك سبيل المحبطين الناشرين للشر.
وقال صلى الله عليه وسلم : "الخير باق في أمتي إلى يوم الدين". وعند البخاري: "أمتي كالغيث لا يدرى أوله خير أم آخره". فالأمل والتفاؤل ممدود في أمة الإسلام إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
ولعل من أعظم صور التفاؤل أن ينتظر- الرسول صلى الله عليه وسلم- الجيل الثاني من أهل الكفر لعل الله يخرج من أصلابهم من يعبده ويوحده. فحينما كان الرسول في أشد محنة إثر عودته من الطائف وإساءة أهلها له كما روت عائشة رضي الله عنها ناداه ملك الجبال، فسلم عليه، ثم قال: "يا محمد، إن الله قد سمع قول قومك لك، وأنا ملك الجبال، وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك فيما شئت؟ إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين؟ "وهما جبلان عظيمان"، فقال له الرسول-صلى الله عليه وسلم- : "بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً". "متفق عليه".
وفعلاً خرج من أصلابهم العلماء والمجاهدون والعظماء الأبطال الفاتحون والناشرون لدعوة الحق.
نعم فنحن نرجو الله أن يخرج من أصلاب رؤساء الكفر اليوم من يحرر القدس ! أليس الله قادر على ذلك ؟ بلى وربي!! .
وتتمثل قمة التفاؤل أيضاً في حديث الرسول-صلى الله عليه وسلم- الذي يقول فيه: "إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها". رواه أحمد وصححه الألباني.
فاغرس الخير ولو كنت في الرمق الأخير من حياتك واعمل واكدح واجتهد طلباً في رسم الورود والأزهار في كل بقعة من هذه الأرض ما استطعت إلى ذلك سبيلاً.
همسة:"إن البيت القويّ يحتاج إلى الإسمنت والحديد أكثر مما يحتاج إلى الزينة والزخرفة، وكذلك الأمة الناهضة تحتاج إلى العباقرة في العلم والصناعة، أكثر مما تحتاج إلى المبرزين في الرقص والرسم والغناء. "محمد الغزالي".