مرَّت عليَّ مواقف كثيرة، منها ما يتطلب المشاركة برأيي، سواء ما كان منه اجتماعيًّا، أو علميًّا، أو فقهيًّا، وحتى سياسيًّا!
أحيانًا يكون الرأي مكتوبًا، وأحيانًا شفويًّا!
أحيانًا يكون الرأي المطلوب أن أبديه خاصًّا، وأحيانًا عامًّا!
أحيانًا يكون هذا الرأي أمام الناس، أي بمعنى هل أنا مع فلان أو فلان، أو مع هذا التيار أو ذاك؟!
وتعلّمت من مواقف الحياة الكثيرة أن أبدي رأيي الذي اقتنع به تمامًا، بموجب ما أعرفه من أدلة وبراهين، وما أفهمه في الواقع والمتوقع.
كما تعلمت أن أبدي تحفظي، وحاجتي لدراسة الموضوع أكثر، حتى أرى أنه آن أوان طرحه بشكل مناسب وناضج وموضوعي، دون أن أزعج أحدًا.
وأحيانًا أخرى أقول رغم استيعابي للموضوع: إن المسألة تحتاج لقراءة هادئة، وحوار شفاف، دون إبداء رأيي في كل تفصيلات الموضوع وملابساته، لأن استعداد السامع والمتلقي فردًا، أو جماعة غير مهيئين لقبول الرأي الكامل والواضح.
فلا أقلَّ من إبداء بعض الملاحظات، والنظرات التي تفتح باب التفهم الجيد للمسألة المطروحة.
إنني آمنت ألاَّ يكون كلامي متهورًا ولا مصنَّفًا ولا محسوبًا إلاّ لما أؤمن به تمامًا، ويستحق أن يُقال رأيي لهم، كما آمنت أن إبداء بعض الملاحظات دون الرأي الكامل أحيانًا، قد يكون أوعى في الموقف، وأحفظ للود، وأخسأ لوخزات الضمير، ونزغات الشيطان.
ماذا لو لم يفهموك؟
لم تُخلق في الحياة أصلاً لتكون أنموذجًا لهذا أو ذاك، أو نسخة من جهة أو حزب أو تيار، أو خاتمًا في يد أحد يحركك في أي اتجاه!
لقد خُلقتَ ولك مواهب وقدرات خاصة، ولربما أتيحت لك فرص، وجاهدت نفسك للحصول على علوم ومعارف وخبرات، وسَّعتْ مداركك، وطبيعة فهمك للسنن وطبائع الأشياء حولك.
إن التخدير الحقيقي هو تكريس التبعية، وتأطير الاختيارات الحياتية، طالما كان في الأمر سعة ومرونة.
كل ما عليك هو أن تهتمَّ أكثر وأكثر لتنال من العلوم والمعارف، وتغرف منها بسعة وإتقان.
كما أن من أهم ما عليك هو دوام السؤال للمتخصصين، والمقارنة المستمرة لتحقيق استيعاب أفضل.
ليست البطولة أن تخالف الآخرين لتقول إنني مستقل الرأي والفكر والوجهة فحسب، بل البطولة أن تسمع جيدًاللمتخصصين، وتفهم جيدًا كل ما يُقال، ثم تنجح مع نفسك للوصول للحق، ولو خالف كسالى الفكر، وجموع المقلدين!
عليك أن تحاول إقناع العقلاء في مشروعك، وإشراك القلة الواعية التي ستفهمك بعمق وحب في أول الطريق، وعندماتشق المسار الذي تريد، بجد عملي، وتواضع قلبي، وتختصر الزمان، وتخطو نحو المجد، سوف يتسارعون لأخذ العبر، ولربما تفاخروا بمعرفتهم بك!!
بقلم د / علي العمري